IMG 20221222 190732 350

تواصل جامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات أداء دورها العلمي والثقافي في المجالات المتعددة، حرصًا منها على إشاعة أجواء العلم والتأصيل المعرفي في المؤسسات الأكاديمية والتخصصية خاصة، وعموم المجتمع عامة.
واعتزازًا من رئاسة الجامعة المتمثلة بالأستاذة الدكتورة زينب الملا السلطاني بلغتنا العربية الجميلة، وإشاعة استخدامها بطرق صحيحة وظيفيًا وأدبيًا وعلميًا، فضلًا عن كونها هويتنا الثقافية المميزة والتي تمثل الحصن الأساس المواجه للغزو الفكري بأشكاله المتنوعة.
وتزامنًا مع اليوم العالمي للغة العربية، فقد أقام قسم اللغة العربية في جامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات الملتقى السنوي الرابع لإحياء يوم اللغة العربية العالمي والذي أقيم في يومي 19-20/ 12/ 2022م في رحاب قاعة أم أبيها (عليها السلام) في مقر الجامعة، وتحت شعار (اللغة العربية بين تمكين الهوية والتواصل الحضاري)، وعلى نحو لافت ومتميز وبحضور شخصيات رفيعة المستوى من الجامعات المختلقة والمجامع العلمية والمراكز التخصصية، وبوصفها سيدة اللغات وأدقها وأكثرها بلاغة، فقد اصطفاها الله من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه الكريم.
إذ يهدف هذا الملتقى إلى تسليط الضوء على أهمية لغتنا والشعور بالانتماء والاعتزاز باللغة العربية باعتبارها أكثر اللغات كمالًا وأشرفها منزلةً، وهي عنوان الأمة ومظهر وحدتها، فضلًا عن تلاقح الأفكار والمشتركات والخروج برؤىً جديدة من شأنها المحافظة على لغتنا العريقة والارتقاء بها.
وقد تضمن منهاج اليوم الأول الذي أُفتتح بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم من قبل مؤذن العتبة الحسينية المقدسة القارئ صلاح الشريخاني، وقراءة سورة الفاتحة ترحمًا على أرواح شهدائنا الأبطال ممّن ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل حماية بلدنا وتحصين شعبنا بوجه قوى الظلام والإرهاب، ثمّ عزف النشيد الوطني.
كلمة الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة ألقاها الدكتور علاء ضياء الدين نائب الأمين العام للعتبة الحسينية مبرزًا فيها “الدور الكبير الذي أسست له العتبة المقدسة في إعطاء الاهتمام الأكبر للغة القرآن الكريم وترسيخها والتعريف بقيمتها الفعلية في المجتمعات العربية والإسلامية لأنها تمثل الهوية والكيان الذي يبنى عليها المجتمع، وأكد الدكتور ضياء الدين في كلمته على إن مراحل الاهتمام التي تبنتها العتبة الحسينية المقدسة قد بدأت من رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية والجامعات، لترسيخ المبدأ الذي يحافظ على اللغة العربية ويمنع المحاولات التي تستهدفها لتطمس الهوية الأصيلة لهذه اللغة المختلفة عن جميع لغات العالم”.
وقالت الأستاذة الدكتورة زينب الملا السلطاني رئيسة جامعة الزهراء (عليها السلام): “بأن هذا الملتقى بنسخته الرابعة على التوالي يمثل تجديدًا وإحياءً للغتنا العربية وتذكيرًا للناطقين بها، وهو رسالة هادفة متعددة الاتجاهات إلى الأكاديميين والطالبات خاصة والمؤسسات الحكومية والاجتماعية عامة، وأكدت الدكتورة السلطاني على ضرورة الحفاظ على لغة القران الكريم ولغة أهل الجنة من محاولات الإماتة والاندثار والتهميش والإزاحة الثقافية، وتطرقت الى ما تواجهه لغتنا لعربية المميزة من تحديات ثقافية كبيرة وهجمات شرسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما الفيس بوك، واشاعة الاستخدام الواسع للهجة العامية والابتعاد عن اللغة الفصحى، وشددت الدكتورة السلطاني على وجوب المحافظة عليها لأنها تبرز هويتنا الدستورية القرآنية التي أختارها الله وعظمها بأن تكون سيدة اللغات ولغة القرآن الكريم، مؤكدة انها مسؤولية مشتركة بين الجميع”.
وكرم الملتقى لغتنا لعربية الجميلة بأن يكون لمجمعها كلمة القاها العلامة الأستاذ الدكتور محمد حسين آل ياسين رئيس المجمع العلمي العراقي التي “أكد فيها على قدم تاريخ اللغة العربية والتأصيل الإسلامي القرآني لها وتكريمها وإعلاء شأنها والمحافظة عليها بديمومتها واستمراريتها على تعاقب العصور والأجيال وتقلبات الدهور ومحاولات طمسها وازاحتها، وأختتم كلمته القيمة بأن مسؤولية الحفاظ على هذه القيمة الحضارية أمر لابد منه ويقع على عاتق الجميع افرادًا ومؤسسات”.
فيما ألقت عميدة كلية التربية الأستاذ الدكتورة إيمان بهية كلمتها الترحيبية بكل من السيد نائب الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة والسيد رئيس جامعة وارث الانبياء والسيدة رئيسة الجامعة والسيد رئيس المجمع العلمي العراقي، كل الحب والتقدير والاحترام لكل الضيوف الذين حضروا اليوم معنا ليشاركوا في فعاليات حفلنا لإحياء اليوم العالمي للغة العربية، الذي يزداد جمالًا وبهجة وفرحًا بقدومكم، قال الله تعالى في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)، فأهلًا ومرحبًا بكم في حفلنا اليوم الذي نتناول فيه من أبرز الاختصاصات وأهمها في الحياة وأتمنى أن تعم الفائدة للجميع.
فضلًا عن كلمة السيدة رئيسة قسم اللغة العربية الدكتورة هدى العميدي “التي ثمنت فيها الدعم الكبير من السيدة رئيسة جامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات وعمادة الكلية، فضلًا عن الاسناد المباشر من الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة مؤكدة السعي الحثيث لتظافر الجهود لإعادة الهيبة للغتنا المسلوبة، وترميم كلومها النازفة عبر إدراج النشاطات والورش التطويرية لطالباتنا مع المنهج الدراسي بما يحقق أهداف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ورؤية العتبة الحسينية الرامية إلى صنع مخرجات متميزة كمًا ونوعًا، مشيرة الى أن هذه الجهود هي ايفاءً بالوعد الذي قطعه قسم اللغة العربية بجامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات بأن نرفد المجتمع العراقي بطاقات خلاقة عبر نساءه المبدعات في تخصصهن اللغوي والأدبي وذلك سيكون هينًا سهلًا بوجود أرباب العربية وسدنتها ودعمهم لنا، وتطرقت الدكتورة العميدي إلى ان أعظم مشاكل مجتمعنا اليوم هي الجهل باللغة، فكثرة التقاتل بين الملل وإراقة الدماء سببه التفسير الخاطئ للغة، وكثرة الطلاق وهدم الأسرة سببه عدم امتلاك اللغة والاستعمال الخاطئ لها، وكثرة التناحر والتكفير سببه الفهم الخاطئ للغة، والغضب وما يتبعه سببه اللغة، وان درء باب كل تلك المشاكل لا يكون الا بتعلم اللغة وفنون التواصل عبرها”.
هذا وتضمن الملتقى العلمي مناقشة العديد من البحوث والدراسات التي تخص اللغة العربية من داخل العراق وخارجه وبالاختصاصات الدقيقة، من سوريا والجزائر وتونس، فضلًا عن بحوث أخرى من جامعات عراقية كجامعة الكوفة والبصرة والأنبار، لتضع ما توصلت إليه التطورات اللغوية والنحوية التي واكبت مفرداتها بصورة مستمرة لتقف عندها وتطرحها لتكون متاحة للجميع.
في الوقت نفسه، تمّ عرض مسرحية بعنوان (تشكو أهلها) سيناريو وحوار د. فرح الفاضلي وفكرة وإخراج د. خالد كاظم حميدي، ومن أداء طالبات مبدعات من قسم اللغة العربية، وهي مزيج بين الرمزية والواقع تحاكي الواقع الذي وصلت إليه اللغة العربية بفعل الانفتاح الثقافي وأزمة الهوية العربية.
كذلك ضمّ المنهاج تقديم أنشودة بضعة المصطفى كانت من أداء طالبات متميزات من قسم اللغة العربية، من كلمات والحان عباس بدوي.
وفي ختام اليوم الأول من الملتقى ألقت الأستاذ الدكتورة زينب الملا السلطاني رئيسة جامعة الزهراء (عليها السلام) كلمة عبرت بها عن شكرها وتقديرها لجميع الحضور من قامات علمية وأكاديمية متميزة وجميع المنظمين للملتقى ابتداء من عميدة كلية التربية ورئيسة قسم اللغة العربية وملاك القسم والطالبات، فضلًا عن تكريم الضيوف والباحثين.
فيما تضمن اليوم الثاني للملتقى السنوي الرابع فعاليات عديدة، وهي جلسة بحثية ومعرض الخط العربي، فضلًا عن استضافة أهم وأبرز الأعلام في الخط العربي في محافظة كربلاء، وأيضًا محاضرة علمية عن تاريخ الخط العربي وأنواعه وأثر مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في نشأة الخط العربي، وفي الختام تم تكريم ملاك قسم اللغة العربية والطالبات المشاركات في فعاليات الملتقى.

وقد نجح الملتقى في طرح عدد من التوصيات العلمية أبرزها الاتي:
1- أهمية العناية باللغة العربية على مستوى الاستعمال بجعلها جزءً من حياتنا، ويتم ذلك تدريجيًا عندما يكون هذا الأمر التزامًا يهم الجميع، انطلاقًا من أن اللغة تمثل وجودنا وكياننا وهويتنا.
2- أهمية اطلاع الأمة على ما توصلت له البحوث العالمية والمختبرات المتقدمة من أن اللغة العربية هي من أكثر اللغات صمودًا أمام عوادي الزمن ومن المرجح أن تبقى صامدة لمدة طويلة جدًا.
3- تدريس مادة اللغة العربية في جميع مراحل الأقسام العلمية من غير الاختصاص.
4- حث المؤسسات والمراكز المتخصصة على تعريب العلوم والنظريات الأجنبية.
5- أهمية إقامة الورش والندوات التي تؤهل العاملين في الدوائر الرسمية من استعمال اللغة الفصيحة والأسلوب العربي السليم.
6- ضرورة التنسيق بين أقسام اللغة العربية في العراق من أجل عمل برنامج منسق للاحتفاء بهذا اليوم، لأن إقامته في يوم واحد يحرم الأغلبية من المشاركة والتفاعل.

ومن الجدير بالذكر أن قسم اللغة العربية في جامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات قد عقد العديد من الاتفاقيات، فضلًا عن توسيع آفق التعاون في مجالات عديدة مع جامعات عديدة كان آخرها جامعة ميلانو الإيطالية بهدف توسيع مذكرات التفاهم بصورة أكبر لتطوير الأداء الأكاديمي والبحثي مع الجامعات الدولية الرصينة إذ تعد هذه الاتفاقية من الاتفاقيات التي سعت الجامعة إلى تنفيذها ضمن العشرات من الاتفاقيات الداخلية والخارجية التي وقعتها في المدة الماضية.